ثلاثة محاولات للهرب

 


العودة للبيت ليلا طقس شديد الوحشة*..
لا بأس..
لدي ما يكفي من الذكري
لأبقي مؤتنسا برفقة حتي الصباح..
و ما يكفي من الحماسة لإعادة تدوير أخطائي
بشكل متكرر..
و ما يفيض من السذاجة
لرؤية ضوء خادع في آخر الطريق..
و من الإنهاك ما أقتطف به من ثمار الوحدة..
 
ثلاثة محاولات للهرب..
آلت كلها للفشل
أو لأقل للحكمة المتأخرة..
 
في الأولي رتبت البيت و أمعنت في تنسيق زواياه..
نظرت إليه بعين الغريب
فتسلل لقلبي الرضا و الطمأنينة..
لكنها - مثل درويش - لم تأت..
فتركت البيت وحده
و وقفت بمقام الندم
يتلقفني الهواء البارد..
أساءل نفسي أين أخطأت قدماي و أين أصابت..
 
ثمة مفارقة دائمة للحياة
أن الغريب لا يعود غريبا
حتي عندما تحاول النسيان..
 
في الثانية كنت علي وشك
الإحتماء بغرفة مظلمة في حي بعيد
قادتني إليه خطواتي المتعثرة..
لكني في لحظة ما
قررت ألا أراوغ المعني..
لن أقل بأني أحبك
سأقول بأني الآن وحيد..
لن أقل أفتقد الحميمية التي تجمعنا..
سأقول أني - و منذ فترة - أرهقتني الهزائم..
فصرت غير مرئي..
أتوق فقط للرؤية..
 
وصفة مجربة للوضوح
و لهدم كل ما بنيت من قصور الرمل..
تلك مفارقة ثانية هنا..
 ما تسعي لتقترب منه ,
ذلك الشيء لو تفهمني ,
يخفي بداخله عدادا تنازليا ،
بانتهاءه ينفجر اللغم..
و تبدأ سيرة النفور..
للحياة حسابات أخري
بخلاف اللذة و الألم..
 
في الثالثة كنت قد وجدت ضالتي..
لكني مع الوقت..
كنت أعرف أن شيئا جميلا علي وشك أن ينتهي..
و أني - قي تبديل واضح للأدوار -
قد أصابني السأم..
مفارقة ثالثة هنا
مع طول الوحدة
تنقسم ذاتيا.,
فتنشد الشيء و تضاده
الصمت و الصحبة ..
الكلام العذب الذي تفترشه
يصبح كالفيلم السيء
تجتهد لتلتقط حكمة من هنا
أو ضحكة من هناك..
 
الآن و قد إستجمعت كل أجزاء الصورة
و إلتقطت الحكايا رحالا في دنيا القلق..
أعود للبيت ليلا..
أحمل كنزا من الراحة
كما تحمل أم متعبة
حقيبة الحلوي لصغارها بعد يوم طويل..
فأنعم بهدايا الوحدة..
 
--------------------------------------------------
 
* الجملة الإفتتاحية من فيلم i am thinking of ending things

Comments

Popular Posts