السير بمحاذاة الحياة



" قلت ليكن العقل في الأرض و لكنه لم يكن " ، و إختبرت المحبة من موقعين متضادين ففهمت كيف تجري الحياة ..
 
عرفت إدعاء المحبة ، السير بمحاذاة اللطف دون توغل لئلا تتعقد الأمور ، الإبتسامات المصطنعة و الردود المقتضبة التي تحرص أن تطليها بكلمات المجاملة ، الإمساك بخيوط روح أخري وعبء آمالها الكبيرة ، فك التشابكات برقة متناهية مع حدس التوقيت المناسب لرصاصة الرحمة بأقل خسائر ممكنة للطرف الآخر ..أحيانا تسري الأمور كالقطار ، تماثل صعوبة القفز منه صعوبة المضي في مسار محفوف بالمغامرة..
 
كذا عرفت المحبة الغارقة في كأس اليأس ، تلك التي تصحو منها علي روح تغفو بجوارك فتلازمك حتي الضفة الأخري ليومك ، الجمال الذي يملؤك يوما ثم يصير سببا للحزن المزمن ، الذكري التي تعلم أنها تسكنك بلا أمل في الخلاص و لا أمل للعودة فتبقيها في غرفة معتمة بداخلك و تحاول ممارسة طقوس الدنيا بإخلاص زائف..
 
خبرت إشكاليات سوء الفهم و كيف تبقي علي بصيص أمل خافت ، و كيف للأمل أن يقتل الحياة ..كما خبرت ذبول المحبة و كيف تختفي الهالة حول من نحب ، و كيف نرثي بعضا من روحنا كمن يشهد ميلاد آخر من رماد ذات قديمة..
 
يسألني البعض إن كنت أرغب في تكملة الحكاية معك من حيث إنتهينا ، فأجيب بنعم أحيانا و أحيانا بلا ، كلتا الإجابتين صادق و كلتاهما مخادع ..
 
تدفعني أمواج الحنين للعودة ، لسيناريو أعيد فيه تصديق ما أعرف يقينا أنه ليس أصيلا فكأني عدت بإرادتي لجهالة البدايات ، فأؤمن بأن ما يجري في الواجهة هو حياتك بالفعل ، و ليس مسرحا ممتدا بطول عمرك تتقنين فيه دورا أبديا بينما تختفين في الداخل في عملية تنكر معتادة..سيناريو أخفي فيه قلقي و معرفتي أن يدك علي الباب دائما مستعدة للرحيل ، و أن عالمك سهل التركيب و الفك علي الدوام..أعود فأقايض الكثير في مقابل بعض الحلوي ، الحنان و المواجدة و الإبقاء علي صورتك كما تتمني أن ترينها في مقابل إحساس بمعني ما للدنيا قد يصلح للونس في رحلة طويلة كالحياة..
 
كذا يجذبني الخوف للتمهل ، لتفادي إلقاء الصباحات و السير بمحاذاة شارع أعرف أني سألتقيك فيه صدفة ، لتفادي الأصدقاء المشتركين بلا داعي وجيه..ربما علي أن أتجه للألم أحيانا عن عمد ، التكرار يفقده تأثيره علي كل حال و مع الوقت قد تصبحين وجها آخر إعتياديا في زخم الحياة ، أنظر في عينيه فلا أري السنين التي مرت بنا علي طريق واحد..
 
أفكر أن ربما كان علي إختراع طريق ثالث ، لا يحكمه الحنين ولا الخوف ، تمتليء كأس إحداهما فأبتسم و أهدهد قلبي و أواصل المسير ، أترك الشعور بداخلي يسري كالنهر بلا تحكم و لا حكم مسبق ، فقط أعي ما يتوجب علي لكي تنتهي العاصفة و أنا شخص أكثر قدرة علي مصادقة ذاته و إصلاح أخطائه ..أما الآن و قد ذبلت المحبة فإتضحت الرؤية ، و توجب معها أن أتوقف قليلا عن البحث عن غرفة صغيرة في فندق تصلح للهرب لبعض الليالي ، الآن أحمل العالم و وطأة قلبي بخفة و أعرف أن بعد طول مراوغة ، علي أن أعود للمنزل و أعيد ترتيبه كما ينبغي..

Comments

Popular Posts