يوميات خريفية

 


1) مثل نسمة صيف إنقضت فجأة أتي غيابك كتمرين مبكر علي الفقد..في الليل نحن معا ثم في الصباح أنت لست هناك و تحتم علي أن أتأقلم مع حياة لست من مفرداتها ، و أعيد ترتيبها بما يليق بغيابك و إرتباكي المزمن ..رائحة قمصانك في خزائن الملابس ، ملحوظاتك التي دونتها بين سطور الكتب ، هداياك التي أكتشفها كلما بحثت بين الزوايا ، نصائحك التي لم أعيها إلا بعد سنوات طوال ، ملامحك التي أطالعها كلما مررت صدفة بمرآة هنا أو هناك ،دندنة الأغاني التي أسمعها ليلا كلما بقيت وحيدا بالمنزل فأتفقد المكان ولا أحد هنالك.. كل تلك البساطة في عالم صخب و كل تلك الحكمة التي لم يسعفني الوقت لأقتطف الكثير من ثمارها ، و تلك اللحظة من الزمن التي توقفت عندها الحياة و صار ما بعدها هو تعود محض علي طقوس الدنيا..
 
2) اليوم تلصصت مصادفة علي شكوي يبثها أحدهم لصديقه عبر الهاتف ، تسرب إلي شبح إبتسامة عند تذكري لمكالمة مشابهة قمت بها يوما إستخدمت فيها نفس العبارات ، بالأمس آيضا عبر منتدي quora طالعت تساؤلات البعض عن معاشرة الهجر و الخوف و الرغبة و مغالبة الحزن و الإنتقام ، من شرفة الحاضر كنت أشفق لتلك الهشاشة و إن تملكتني عهودا حتي الماضي القريب..ربما كانت التجارب الفردية تصب كلها في مجري واحد ، و ربما كلنا غاضبون أو خائفون بشكل أو بآخر فتجري الحياة كتصريف مؤقت لفيض الغضب و الحزن..
 
3) كانت الجراء الصغيرة في مدخل البيت تختفي واحدا تلو الآخر و معها تتناقص البهجة التي تغمر قلبي عند عودتي ليلا فأجدها فرحة في إنتظاري ، فقط بقيت الأم في نظرة حزن للمجهول و يقين أن مدن الأسفلت لا تعرف الكثير من الرحمة ، مدن التراب لا يري أحد فيها الآخر..
 
4) اليوم أدركت أن مدي الكثير من علاقاتي هو مرتبط بشكل ما بالمسافة التي ينجلي فيها سوء الفهم ، دعينا نعرف بعضنا بشكل أكبر لكي تنتهي حميميتنا سريعا ..قد أتفادي الألغام لفترة ، قد تسيطر أحد شخصياتي المتعددة لفترة ، لكن علي الأغلب و في سيناريو مكرر سينتهي الأمر بي و قد عدت لقواعدي وحيدا سالما بعد غزوات فاشلة أدركت فيها للمرة الألف أني لا أطيق الكثير من التواصل حتي و إن شكوت الوحدة ، و أن الصفات التي جذبتني يوما ما هي ذاتها قادرة علي إثارة عصبيتي بعد حين ..في السيناريو الآخر أنا تعيس الحظ ، تختفين فجأة فتترك الكارما أثرها فتبقين شبحا بداخلي يسكنني بلا أمل في النجاة..

Comments

Popular Posts