مبقتش أخاف من الدنيا دي غير من الوداع

 


تغادرني قطعة كلما لملم أحدهم حاجياته للرحيل..تغمر قلبي وحشة لا أملك لها ردا كلما إحترق جسرا آنست منه نارا كنت ألوذ منها بقبس في ليالي البرد... شوكة لا تندمل في حلقي كلما وئدت كلمات في مهدها و قد صار قائلها و سامعها أغرابا ، بعد أن أدت أشكال الغياب أو إشكاليات سوء الفهم لأن ينقطع الخط " شو بخاف حتي الخط ما يلاقيك "..
 
أسير و قد نفضت عن كتفي ثقل كل إعتذار لم يأتي ,  و أعرف في الوقت ذاته أني مدين بإعتذارات أو علي الأقل تفسيرات للكثيرين..غاية الحكمة هي معرفة الذات لكن تأتي بعض المعرفة كما كل شيء طال إنتظاره.. متأخرة و بلا جدوي..العلاقات مربكة بشكل عام و تحكمها تطلعات أطرافها و تغيراتهم مع الزمن..خيالاتهم التي تحطمت و كأس الصبر في مدها و جزرها.. و ربما تداخل آخرين قد يكونوا أحيانا أسبابا لرؤية ما إستغلق إدراكه..الحياة فعل تراكمي و أنت مسؤول عن فك التعقيدات التي صنعتها نسخك السابقة الأقل وعيا و نضجا..زيارات لغرف معتمة من الماضي زادها الخفة و التراحم.. و مراجعات ممن طاف البلاد شرقها و غربها يجرب الثياب و يختبر مقاساتها ثم أدرك أنه مدين بإعتذار لأنه لا يملك ما يدفع به ثمن إختياراته إن وفق في العثور علي ما يلائمه من ثياب... 
 
في الماضي القريب كانت العلاقات مرهونة بإنقضاء وقتها و حاجتها..ثم آلت الأمور لأن تخلق مواقع التواصل بشكل أو بآخر صورة مستمرة و متغيرة تبثها علي الهواء لكل متابعيك ..صورة تمتلك أو تفتقر للصدق...أنت قادر علي إحياءها في نفوس كل من راكمتهم في حياتك إن وقفت اللوغاريتمات في صفك..تفعل أو تقول شيئا ما هنا فيراه في ذات اللحظة صديق ما للطفولة في بيته الصغير في كندا أو يقرأه رفيق درب ما أثناء تسلقه لجبل هناك في المغرب أو يتندر عليه عابر سبيل في مقهي مر بصفتحك مصادفة..ذهبت الخصوصية بشكل عام و قد يكون هذا كنزا لمن ينشد آهات الإعجاب و المواساة و معضلة لمن يسير في الحياة و يأمل أن يكون لا مرئيا في مسيره..هنا أنت علي موعد يومي مع صورة متجددة تنقلها لعشاقك و كارهيك علي السواء بما في ذلك من لحظات في أسفل المنحني النفسي ؛ عندها تشارك رسائل إستغاثة فقط بغرض إشباع الحاجة للتضامن و الدفء الإفتراضي..عجز البعض عن حمل ثقل ذلك التواجد الممتد حتي بعد إنقطاع الوصل ، فكان أن خلق " الحظر " لتمتليء الشبكة العنكبوتية بالكثير من القنوات المسدودة لأشخاص بات تعاملهم نوع من فك الأسلاك الشائكة و تحاشي الوقوع في منطقة ألغام..
 
الأصل في الأشياء هو إلتماسها للسلام النفسي و الراحة المتبادلة فإن إفتقد ، كان كافيا لإعادة تقييم الأمور و دفع ضريبة لا بد منها مع كل نهاية ضرورية..مع توخي الجانب الإنساني في تفادي القسوة و إيثار اللطف و الرحمة عند كل مفترق للطرق..و الإيمان أنه برغم أن البعض موقوتون في حياتنا (و بعضهم هنا بغرض تعليمي بحت لأغراض التطور)..فإن بعض المعارك تستحق الرهان عليها للحفاظ علي ما هو أصيل و حقيقي ما إستطاع أطرافها لذلك سبيلا..نحن لا نفتقد سوي ما قد تلامس مع أرواحنا فإن فقدناه صار جزءا لا ينمحي من بنياننا..لأن عمارة الناس كل لبنة فيها هي في الأصل وليدة لقاء ما كان محض صدفة ف آل أن يغير في التكوين الشخصي للأفضل أو للأسوأ..يحفر طريقا للأمل أو للهرب و النجاة....نصادق الناس فيصيروا مرايا لما إكتمل ميلاده فينا و ما ضاقت أرواحنا عليه..
 
في كل هذا ربما كانت نصيحة محمود درويش بأن " إحمل أنت عبء قلبك " هي الأثمن ..لا تحمل الآخرين ما لا طاقة ولا ذنب لهم به فتنقل كرة الأذي لغيرك ولا تحمل أنت أوزار تنهكك وطئتها بلا هدف سوي التماهي للهروب من مواجهة النفس .. لا تسير الدنيا بإرشادات واضحة في الأغلب...تتسرب أسباب المحبة متضافرة مع أسباب النفور فتصنع ضبابا يحجب البصيرة و يفضي للحيرة..بل ربما نألف شخصا ما لسبب ثم نكرهه للسبب ذاته.. ..عسي ألا تلهيك التشوشات و توترات اللحظة الراهنة عن النظر وتفهم دوافع البشر ومواطن الألم و المراوغة فيهم..و من ثم دفع ثمن الخطايا بلا إنتظار مقابل لأن بشكل أو بآخر " كلنا علينا أقساط "..
 
لم ثرثرت بكل هذة العظات ؟ ..لأعود هنا و الآن..بنيت نصا كاملا بينما كان غرضي فقط البوح بعبارتين أردت قولهما ف زخرفت لوحة كاملة لرسم عينان جميلتان : "تغادر روحي قطعة كلما لملم أحدهم حاجياته للرحيل..تغمر قلبي وحشة لا أملك لها ردا كلما إحترق جسرا آنست منه نارا كنت ألوذ منها بقبس في ليالي البرد..."

Comments

Popular Posts