ده إحنا للحياة

 


أعتقد إن " التعافي " بشكل ما هو سعي بإتجاه الخفة..بإتجاه إستعادة حاسة " تذوق الحياة " .. إن ازاي البني آدم المسكون بأشباح هو سجين معاها في أوضة يمشي رحلة يدوس فيها كل الأزرار الممكنة .. مضادات إكتئاب و صحبة و طقوس ملهاش أي معني غير إنها تعمل دوشة ( الإنسان اللي بيتأثر بسهولة باللي بيحصل له عموما بتبقي حياته ملطشة ..و الثقب اللي تاعبه ده بيخليه منتشر في الطرقات و دروس تعليم الياباني و الرحلات الإستكشافية للمريخ و تمارين رياضة السومو ..كلنا بنحتاج مسكنات أو تشويش متعمد أحيانا ) ..
في نقطة ما الإنسان بيفهم إنه لا يمتلك التحكم في كل شيء .. لا بل إنه لا يمتلك أنه يتحكم في نفسه.. و إن التعافي مش هو ابدا الرجوع للشخص القديم اللي كان عليه..ابسلوتلي..المنطق ده فيه إهانة للدرس و إهانة لنظرية التطور و لحركة الكون بشكل عام..الشخص القديم دفاعاته كانت هشة و الهشاشة دي جابته لمس أكتاف.. و بالتالي أحد أهداف التجربة هو الفهم..الإنسان بيبتدي الرحلة بالرغبة في حل المشكلة اللي بره اللي في الأصل بتشاور علي مشكلة تانية خالص جوه هو مش شايفها..المفاجأة اللي بتقابله إنه علاج خذلان توقعاته من العالم الخارجي هو علاج داخلي بحت .. إنه يوصل للزهد فيما ينتظره بلا جدوي..حضرتك مش عايز تنزل سعر القميص ؟ تمام فيه ألف واحد بيبيع غيرك هاخد لفة و لو مزاجي جابني هرجعلك..أعتقد النظرية دي أريح و ألطف كتير في التعامل مع العالم..البني آدم معندوش ملكة سيدنا الخضر في إنه يشوف الحكمة وراء كل حادث و ما ستؤول إليه الأمور..و زي ما الصوفيين بيقولوا الحجب ده أفضل لإستمرار حتمية السعي ..
 
الشخص اللي ماسك كلب و الكلب ده مبهدله وراه هيفضل في مخمضة لحد اللحظة اللي بيتعلم فيه أنه يروضه..المدمن بشكل عام لحد ما يوصل لمرحلة إنه يستغني و يلاقي بدايل فهو عبد تعيس لرغبته.. جزء مهم إدراك إنه أحيانا محتاج ياخد قرار مدروس يلزم نفسه بيه ( إذا عرفت ف إلزم ) بعدين يفاوض نفسه داخليا عليه براحته ( مش بتيجي بالعكس ) و يصطفل هو و قلبه براحنه بعد ما يحسم ..إنه يقطع الخط الحتمي الواصل ما بين مشاعره و قراراته.. 
 
لو الإنسان طلع من تجاربه بوعي أفضل و رضا و جلد تخين فهو كسبان مكسب عظيم...وعي بالدنيا عايزة منه إيه في هذة اللحظة ؟ وعي بالباترن اللي بيكرره و بوضعه من غير سكر ولا ملح..و عي بهو معاه إيه في الصندوق و محتاج إيه و يقدر يكمل من غير إيه.. رضا يحفظ المكنة اللي دايرة من الحرق عالفاضي و جلد تخين ناحية كل اللي هيقابله و اللي هيتصعب كل ما هيترقي أكتر في الدنيا.. فعل الكتابة كما فعل الحياة مهم فيها الجلد التخين..إن ممكن أكون بعمل طبخة بيتي لطيفة علي مزاجي لفرد أو فردين مش فاتح محل فرنش فرايز و ابيع بكميات للخلق حسب قواعد السوق..فيه جملة لطيفة بحبها من فيلم blue berry nights
"There's nothing wrong with the Blueberry Pie, just people make other choices."
 
هل الإنسان هيكون أفضل لو حاطط معاه التلاتة دول و ماشي بيهم في زمزمية الأمل اللي معلقها ؟ هيكون قابل لإنه يكون شخص كويس مش مجرد شخص بيحاول ينسي .. قابل لإنه يفرد صدره و يدخل يتخانق مع الدنيا و يتعامل مع ناسها لإن الدنيا متخلقتش للوحدة ولا للدوشة بدون فراغات للهضم في النص..طول الوحدة بيخلق انفصام بشكل ما..نص عايز يجرب و يرجع للحياة و نص بيضرب نفسه بالجزمة علي قرارات النص الاولاني..علي اختياراته اللي مبيحكمهاش قرار واعي قد ما بيحكمها قلة الموجود علي الترابيزة..اللي بيختار و هو جعان عموما بيندم..
 
قد يكون النقلة اللي بتحصل مع كل قومة من حفرة هي نقلة محبة اكبر للذات و وعي باللي محتاجة تشتغل عليه و مبالاة اقل فيما يبديه العالم لكن بحساب..الميزان شيء مهم جدا في الدنيا عشان المركب متبقاش مايلة لناحية.
عند نقطة ما ..مش بعد عدد حبات بروزاك معينة..ولا بعد عدد سهرات او سفريات او علاقات .. بعد إختمار الحزن لفترة و مرور محطات التسليم و جلد الذات و تجارب جديدة بوعي مختلف..و بعد ما يكون شرب كوبايتين الشاي مع الأشباح و يتضح إنهم طيبين و ولاد حلال لكن زي اي فيلم رعب لازم الصصبنص بتاع اول الفيلم و يتكلوا علي الله يروحوا لحال سبيلهم..الإنسان فجأة بيوصل للخفة دي و بيرجع يحس بطعم كل ما كان قد فقد طعمه .. بيتنقل من سجين علبة التونة بتاعة الإكتئاب لبراح اللي قاعد قدام بحر متأمل في جميل أقدار الله و نوره..مستنير بمحبته و قاري لإشاراته..أعتقد إن رحلة الإنسان الإجبارية جوه نفسه بتنفد بشكل كبير لرحلته تجاه ربنا..مش عن خوف أو طمع لكن عن محبة ..
 
طب و الونس ؟ الونس اللي بجد و مش ناتج عن عمليات مقايضة رغبات برغبات بيظهر لوحده في السكة .. و بيدفي في لحظات الواحد مش محتاج فيها غير لإحساس إن له صحبته اللي علي بعد مكالمة تليفون أو مشوار لأقرب قهوة..اللي موجودين لو إحتاج يتسند في وقعة أو يفضفض في ليلة طويلة أو يهيص في لحظة نشوة أو يستحضر شهود لنقطة مهمة في عمره و مراية للي بيتغير فيه مع الزمن .. أو علي قولة فؤاد حداد : " و عيون تودك و النظر و اللقمة " ..

Comments

Popular Posts