بعد حين يبدل الحب دارا


 
كل تلك الوعود المرواغة التي كنت أعلم أن صلاحيتها لن تمتد لأبعد من ليلتها , الطبطبات الدافئة علي أيدي لم أبلغ معها حد الإطمئنان بعد ، الرسائل التي أرسلها بلا طمع في الرد ... و علي المقابل كل مرة تفاديت فيها أن أدفع ضرائب بسيطة من الحنان لئلا تخرج حياتي عن سياقها المعتاد ، و ما يقترن بذلك من تعامي عن الجزء الخفي من جبال الجليد في أحزان البعض  ..
 
كل تلك المرات التي آلت فيها الصداقة للمحبة عن دون قصد , فكنت أعرف أن شيئا جميلا علي وشك أن ينتهي , و كل تلك المرات التي ذبلت فيها المحبة و عادت لمربع الصداقة , فكان علي أن أتأقلم مع المسافات و أن أقتل الحنين كلما تسلل للقلب أولا بأول.. 

كل تلك الوعود التي قطعتها علي نفسي بألا أعود فكان أن عدت ، و تلك الوعود التي قلتها بأني سأعود و لم أفعل ، و ما يستتبع ذلك من كلفة السير في إتجاهين متضادين و فاتورة الخسائر المزدوجة..كل تلك الفرص التي لاحت لي فإقتنصتها فغمرني الندم ، و تلك الفرص التي عبرت بها فمررت مرور الكرام ظنا إنها متناثرة علي طول الطريق ثم تبين لي أن الإختيارات الأهم في الحياة لا تتكرر مرتين...كل ذلك الإندفاع اللحظي و التمهل الساذج ، البدايات التي تأخرت و النهايات التي توجبت فلم تحل..
 
كل ما أنفقت في سبيل إسكات ثقب نفسي و كل ما بخلت به حين وضعتني الحياة في موضع مشاركة..اللحظات التي عجزت فيها أن أري ما يستحق البقاء علي متن السفينة و ما يجب التضحية به لضمان البقاء ..كل ما قلت منفعلا فأنهي علاقات قديمة و كل ما لم أقل فترسب في علاقتي بنفسي..كل تلك العلاقات التي إستمرت لا لشيء سوي بدافع الأمل أن تتغير قواعدها يوما ما و بالطبع لم تفعل ، و كل تلك العلاقات التي إنتهت لخوفي من أشباح متوهمة..كل خوف تملك أحدهم فأسأت ترجمته لعدوانية تحصنت منها بينما كان حضن بسيط طريق مختصر لحل الأزمة ,  و كل تعدي تنكر في زي الإرتباك فمررته بطيب نفس دون أن أفهم تبعات ذلك..كل محبة وهبتها لمن لم يستحق و كل ود قطعته عن الوحيدون الذين إلتقيتهم في الطريق..كل إدمان جاهدت أن أقلع عنه فبدأت بالنفس الأمارة بالسوء و ثابرت لكي أمر بالنفس اللوامة و بقيت هناك أدعو الإرادة من الله ، و كل عادة حاولت دمجها بتفاصيل يومي ثم غلبها التشوش و سرعة الإيقاع.. كل خروج عن الإيقاع بالبطء أو بالإسراع و كل لوم إستسهلت توجيهه و كل منغص تغاضيت عنه لضمان بقاء الود..
 
كل الأبواب التي أطلت قرعها بلا إستجابة و كل تلك الكروت التي منحتها لي الدنيا فأسأت التعامل معها ، الحظ الحسن الذي أصابني علي غير منطق فكان أن حاولت تصحيح الخلل بالسير في الإتجاه المعاكس..كل تلك المحبة التي تحيطني بطول الطريق فلا أقدر علي ردها و كل تلك المحبة التي إنتظرت بلا جدوي فضيعت الليالي في الغزل و الحل..كل من تعلق قلبي به فكنت أري الدنيا كخط مستقيم يبدأ من عندي و ينتهي عنده ، و كل هؤلاء المجهولون الذين رأتهم عيناي لكن بقوا لا مرئيين في بساطتهم و طقوسهم الروتينية و حياتهم التي تشبه إشارة إستغاثة..
 
بإختصار كل  تلك الخسائر الإجبارية أحيانا و الذنب " الحقيقي " أحيانا أخري  الذي أراوغه ثم أتعلم أن لا منجي منه سوي بفك طلاسمه ..و تصحيح عثراته..

Comments

Popular Posts